في ظل التصعيدات العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، ومع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، يتساءل الكثيرون: هل اقتربت نهاية العالم؟ هذا السؤال بات يتكرر على ألسنة الكثير من الناس، خاصةً في ظل مشاهد الدمار، والتصريحات النارية، والتلويح بالحروب الكبرى. لكن هل هذه الأحداث بالفعل مؤشر على اقتراب نهاية العالم، أم أنها جزء من صراعات سياسية متكررة يعرفها التاريخ البشري؟
التوتر بين إيران وإسرائيل: صراع قديم بصيغة جديدة
العلاقة بين إيران وإسرائيل شهدت توترًا دائمًا منذ الثورة الإيرانية سنة 1979. غير أن ما نراه اليوم من هجمات مباشرة أو غير مباشرة، وردود عسكرية عبر الوكلاء أو على الأرض، هو تصعيد جديد لكنه ليس غير مسبوق. فمنذ سنوات، تشهد المنطقة "حرب ظل" بين الطرفين، تشمل هجمات إلكترونية، اغتيالات، وقصف لمواقع استراتيجية. إلا أن الإعلام حين ينقل هذه الأحداث بشكل مكثف، يتولد لدى المتلقي شعور بأن العالم على حافة الانهيار.
نهاية العالم: المفهوم الديني والواقعي
في المفهوم الديني، خاصة في الإسلام، نهاية العالم لها علامات كبرى واضحة ومعروفة مثل خروج المسيح الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وطلوع الشمس من مغربها... وهذه العلامات لم تظهر بعد.
الحرب الإعلامية والخوف الجماعي
من المهم أن ندرك أن الإعلام يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مشاعرنا تجاه ما يحدث. العناوين المثيرة والمشاهد المروعة تجعلنا نشعر بأن "النهاية قريبة"، حتى وإن كانت هذه الحروب مجرد امتداد لصراعات سابقة. من هنا، يصبح من الضروري أن نتابع الأخبار من مصادر موثوقة، ونحافظ على الوعي، دون أن ننجر وراء التهويل أو نشر الذعر.
الحروب مؤلمة ومقلقة، نعم، لكن نهاية العالم ليست وشيكة كما يتخيل البعض. من الحكمة أن نكون واعين، لا مذعورين. وأن نواجه هذه الأزمات بروح متفائلة وإيمان بأن ما بعد الشدة فرج، وأن السلم سيعود يومًا مهما طال أمد الحرب.
موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب بين إيران وإسرائيل
تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورًا محوريًا في التوازنات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالصراع بين إيران وإسرائيل. وبطبيعة الحال، فإن موقفها من هذه الحرب يعكس مصالحها الاستراتيجية، وتحالفاتها، وتوازناتها الدولية.
1. دعم قوي لإسرائيل
منذ تأسيس دولة إسرائيل، تعتبر أمريكا حليفًا استراتيجيًا لها، وتوفر لها دعمًا عسكريًا واقتصاديًا غير محدود. وفي حال تصاعدت المواجهات مع إيران، غالبًا ما تؤكد واشنطن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وتقدم لها الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية، وأحيانًا دعمًا استخباراتيًا أو لوجستيًا مباشرًا.
ضبط التصعيد مع إيران
رغم العداء التقليدي بين واشنطن وطهران، خصوصًا بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي سنة 2018، فإن الإدارة الأمريكية – خاصة في عهد بايدن – تسعى إلى عدم الانجرار إلى حرب شاملة. فهي تدعو إلى التهدئة، وتحاول تجنب دخول مباشر في مواجهة عسكرية مع إيران، حفاظًا على استقرار المنطقة، ومنعًا لتوسّع الحرب إلى دول أخرى قد تهدد المصالح الأمريكية.
3. الضغط عبر الحلفاء
غالبًا ما تستخدم أمريكا أدوات غير مباشرة للتأثير على مسار النزاع، كفرض العقوبات الاقتصادية، أو استخدام دول الخليج كوسطاء، أو التنسيق مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتوجيه رسائل تحذيرية للطرفين، لا سيما إيران.
4. القلق من توسع الحرب
البيت الأبيض يدرك جيدًا أن أي مواجهة مباشرة واسعة بين إيران وإسرائيل قد تجرّ المنطقة كلها إلى حرب مدمرة، ما يهدد استقرار أسواق الطاقة، ويؤثر على الأمن القومي الأمريكي وحلفائه. لذلك، رغم دعمها لإسرائيل، تحرص أمريكا على منع الانفجار الكامل، من خلال الضغوط الدبلوماسية والوساطات الخفية.
الولايات المتحدة تؤيد إسرائيل وتدعمها، لكنها لا تريد حربًا كبرى في الشرق الأوسط. موقفها حذر ومتوازن: دعم حليفها دون التورط المباشر في صراع قد تكون عواقبه كارثية على الجميع.
هل إيران دولة قوية فعلًا؟
1. قوة عسكرية غير تقليدية
إيران لا تمتلك أحدث الأسلحة الغربية أو الطائرات الحربية المتطورة، لكنها طورت نوعًا مختلفًا من القوة، يعتمد على:
الحرس الثوري الإيراني، وهو قوة عسكرية موازية للجيش، يتمتع بنفوذ داخلي وخارجي.
قوات غير مباشرة من خلال دعم فصائل مسلحة في لبنان (حزب الله)، العراق، سوريا، واليمن، ما يمنحها قدرة على التأثير خارج حدودها دون خوض حرب مباشرة.
2. نفوذ سياسي إقليمي واسع
إيران نجحت في بناء شبكة من الحلفاء والوكلاء في عدة دول عربية، مما يمنحها ورقة ضغط قوية في كثير من الملفات الإقليمية، مثل الملف السوري واليمني، والصراع مع إسرائيل.
3. قدرات إلكترونية واستخباراتية
تشير تقارير إلى أن إيران تمتلك قدرات متطورة في الحرب السيبرانية، وقد نفذت هجمات رقمية على مؤسسات حساسة في دول مختلفة، مما يضيف بُعدًا جديدًا لقوتها.
تعليقات
إرسال تعليق